responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 287
(فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) أَيْ مِنْ طِينٍ. وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي خَلْقِ آدَمَ فِي" البقرة، والانعام «[1]» " مُسْتَوْفًى. (قالَ أَرَأَيْتَكَ) أَيْ قَالَ إِبْلِيسُ. وَالْكَافُ تَوْكِيدٌ لِلْمُخَاطَبَةِ. (هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ) أَيْ فَضَّلْتَهُ عَلَيَّ. وَرَأَى جَوْهَرَ النَّارِ خَيْرًا مِنْ جَوْهَرِ الطِّينِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْجَوَاهِرَ مُتَمَاثِلَةٌ. وقد تقدم هذا في الأعراف [2]. و" هذَا" نُصِبَ بِ أَرَأَيْتَ." الَّذِي" نَعْتُهُ. وَالْإِكْرَامُ: اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُحْمَدُ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الَّذِي فَضَّلْتَهُ عَلَيَّ، لِمَ فَضَّلْتَهُ وَقَدْ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ؟ فَحُذِفَ لِعِلْمِ السَّامِعِ. وَقِيلَ: لَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ الْحَذْفِ، أَيْ أَتَرَى هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَهُ عَلَيَّ لَأَفْعَلَنَّ بِهِ كَذَا وَكَذَا. وَمَعْنَى (لَأَحْتَنِكَنَّ) فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَأَسْتَوْلِيَنَّ عَلَيْهِمْ. وَقَالَهُ الْفَرَّاءُ. مُجَاهِدٌ: لَأَحْتَوِيَنَّهُمْ. ابْنُ زَيْدٍ: لَأُضِلَّنَّهُمْ. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، أَيْ لَأَسْتَأْصِلَنَّ ذُرِّيَّتَهُ بِالْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ، وَلَأَجْتَاحَنَّهُمْ. وَرُوِيَ عَنِ الْعَرَبِ: احْتَنَكَ الْجَرَادُ الزَّرْعَ إِذَا ذَهَبَ بِهِ كُلَّهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَأَسُوقَنَّهُمْ حَيْثُ شِئْتُ وَأَقُودَنَّهُمْ حَيْثُ أَرَدْتُ. وَمِنْ قَوْلِهِمْ: حَنَكْتُ الْفَرَسَ أَحْنِكُهُ وَأَحْنُكُهُ حَنَكًا إِذَا جَعَلْتُ فِي فِيهِ الرَّسَنَ. وَكَذَلِكَ احْتَنَكَهُ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِي عَلَى الزَّرْعِ بِالْحَنَكِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَشْكُو إِلَيْكَ سَنَةً قَدْ أَجْحَفَتْ ... جَهْدًا إِلَى جَهْدٍ بِنَا وَأَضْعَفَتْ
وَاحْتَنَكَتْ أَمْوَالَنَا وَاجْتَلَفَتْ «3»

(إِلَّا قَلِيلًا) يَعْنِي الْمَعْصُومِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ:" إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ" وَإِنَّمَا قَالَ إِبْلِيسُ ذَلِكَ ظَنًّا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ «[4]» " أَوْ عَلِمَ مِنْ طَبْعِ الْبَشَرِ تَرَكُّبَ الشَّهْوَةِ فِيهِمْ، أَوْ بَنَى عَلَى قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ:" أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ [5] فِيها". وَقَالَ الْحَسَنُ: ظَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَسْوَسَ إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمْ يجد له عزما.

[سورة الإسراء (17): آية 63]
قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (63)

[1] راجع ج 1 ص 161. 279 وج 7 ص 168 و171. [ ..... ]
[2] راجع ج 1 ص 161. 279 وج 7 ص 168 و171.
(3). أي أذهبت.
[4] راجع ج 14 ص 291.
[5] راجع ج 1 ص 161. 279 وج 7 ص 168 و171.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست